الموضوع رقم ( 61 )
قضية رقم 217 لسنة 25 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 13 فبراير سنة 2005 م ، الموافق 4 من المحرم سنة 1426 ه .
برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وبحضور السادة المستشارين : حمدى محمد على ومحمد على سيف الدين ومحمد عبد العزيز الشناوى وماهر سامى يوسف والدكتور عادل عمر شريف وتهانى محمد الجبالى .
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 217 لسنة 25 قضائية " دستورية " . بعد أن أحالت محكمة القضاء الإدارى ملف الدعوى رقم 7928 لسنة 56 قضائية .
المقامة من
السيد / رفعت إبراهيم محمد الحديدى
ضد
1 السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال
2 السيد رئيس مجلس الوزراء
الإجراءات
بتاريخ الثانى والعشرين من شهر يوليو سنة 2003 ، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 7928 لسنة 56 قضائية من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة ، بعد أن قررت تلك المحكمة وقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نص المادة (109) من لائحة شئون العاملين بالهيئة العامة لسوق المال الصادرة بقرار مجلس إدارة الهيئة بتاريخ 15/5/1994 ، فيما تضمنته من حرمان العامل من البدل النقدى لرصيد إجازاته الاعتيادية فيما جاوز أربعة أشهر .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
كما قدمت الهيئة المطعون ضدها مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 7928 لسنة 56 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى طالباً الحكم بأحقيته فى صرف مستحقاته النقدية عن كامل رصيد إجازاته الاعتيادية والبالغ مجموعها 403 أيام والتى لم يحصل عليها لأسباب اقتضتها حاجة العمل ، وإذ تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستورية نص المادة (109) من لائحة شئون العاملين بالهيئة العامة لسوق المال فيما تضمنته من تحديد الحد الأقصى لقيمة البدل النقدى الذى يستحقه العامل عن رصيد إجازاته الاعتيادية بما لا يجاوز أجر أربعة أشهر ، فقد قررت بجلسة 23/6/2003 وقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية هذاالنص .
وحيث إن المادة (109) من لائحة شئون العاملين بالهيئة العامة لسوق المال تنص على أنه " إذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاد رصيده من الإجازات الاعتيادية استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسى مضافاً إليه العلاوات الخاصة التى كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته وذلك بما لا يجاوز أجر أربعة أشهر " .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع ، وأن مؤدى هذا الشرط ألا تفصل المحكمة فى غير المسائل الدستورية التى يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعى ، متى كان ما تقدم ، فإن نطاق الدعوى الدستورية الماثلة والذى تتحقق به المصلحة فى هذه الدعوى إنما ينحصر فيما تضمنته المادة المطعون عليها سالفة الذكر من وضع حد أقصى للمقابل النقدى لرصيد الإجازات الاعتيادية للعامل فيما لا يجاوز أجر أربعة أشهر .
وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن لكل حق أوضاعاً يقتضيها ، وأثاراً يرتبها ، من بينها فى مجال حق العمل ضمان الشروط التى يكون أداء العمل فى نطاقها منصفاً وإنسانياً ومواتياً ، فلا تنتزع هذه الشروط قسراً من محيطها ، ولا ترهق بفحواها بيئة العمل ذاتها ، أو تناقض بأثرها ما ينبغى أن يرتبط حقاً وعقلاً بالشروط الضرورية لأداء العمل بصورة طبيعية لا تحامل فيها ، ومن ثم لا يجوز أن تنفصل الشروط التى يتطلبها المشرع لمباشرة عمل أو أعمال بذواتها عن متطلبات ممارستها ، وإلا كان تقريرها انحرافاً بها عن غايتها ، يستوى فى ذلك أن يكون سندها علاقة عقدية أو رابطة لائحية .
وحيث إن الدستور وإن خول السلطة التشريعية بنص المادة (13) سلطة تنظيم حق العمل ، إلا أنها لا يجوز أن تعطل جوهره ، ولا أن تتخذ من حمايتها للعامل موطئاً لإهدار حقوق يملكها ، وعلى الأخص تلك التى تتصل بالأوضاع التى ينبغى أن يمارس العمل فيها ، ويندرج تحتها الحق فى الإجازة السنوية التى لا يجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل يستحقها ، وإلا كان ذلك منها عدواناً على صحته البدنية والنفسية ، وإخلالاً بأحد التزاماتها الجوهرية التى لا يجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها ، ونكولاً عن الحدود المنطقية التى ينبغى وفقاً للدستور أن تكون إطاراً لحق العمل .
وحيث إن المشرع تغيا من ضمان حق العامل فى إجازة سنوية بالشروط التى حددها أن يستعيد العامل خلالها قواه المادية والمعنوية ، ولا يجوز بالتالى أن ينزل عنها العامل ولو كان هذا النزول ضمنياً بالامتناع عن طلبها ، إذ هى فريضة اقتضاها المشرع من كل من العامل وجهة الإدارة ، بل إن المشرع اعتبر حصول العامل على إجازة اعتيادية لمدة ستة أيام متصلة كل سنة أمراً لا يجوز الترخص فيه ، أو التذرع دون تمامه لدواعى مصلحة العمل ، وهو ما يقطع بأن الحق فى الإجازة السنوية يتصل بقيمة العمل وجدواه وينعكس بالضرورة على كيان الجماعة صوناً لقوتها الإنتاجية البشرية .
وحيث إن المشرع قد دل بنص الفقرة المطعون عليها من اللائحة المشار إليها ، على أن العامل لا يجوز أن يتخذ من الإجازة السنوية وعاءً ادخارياً من خلال ترحيل مددها ثم تجميعها ليحصل بعد انتهاء خدمته على ما يقابلها من الأجر ، وكان ضمان المشرع لمصلحة العمل ذاتها أن يرد على العامل سوء قصده ، فلم يجز له أن يحصل على ما يساوى أجر هذا الرصيد إلا عن مدة قدرها بأربعة أشهر معتداً بأن قصرها يعتبر كافلاً للإجازة السنوية غايتها فلا تفقد مقوماتها أو تتعطل وظائفها ، بيد أن هذا الحكم لا ينبغى أن يسرى على إطلاقه ، بما مؤداه أنه كلما كان فوات الإجازة راجعاً إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل دخل فيها كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها ، فيجوز للعامل عندئذ وكأصل عام أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل سنة ، إذا كان اقتضاء ما تجمع من إجازاته السنوية على هذا النحو ممكناً عيناً ، وإلا كان التعويض النقدى عنها واجباً ، تقديراً بأن المدة التى امتد إليها الحرمان من استعمال تلك الإجازة مرده إلى جهة العمل ، فكان لزاماً أن تتحمل وحدها تبعة ذلك .
وحيث إن الحق فى التعويض لا يعدو أن يكون من العناصر الإيجابية للذمة المالية للعامل ، مما يندرج فى إطار الحقوق التى تكفلها المادتان ( 32 ، 34 ) من الدستور اللتان صان بهما حق الملكية الخاصة ، والتى جرى قضاء هذه المحكمة على اتساعها للأموال بوجه عام ، وانصرافها بالتالى إلى الحقوق الشخصية والعينية جميعها ، متى كان ذلك ، فإن حرمان العامل من التعويض المكافئ للضرر والجابر له يكون مخالفاً للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة (109) من لائحة شئون العاملين بالهيئة العامة لسوق المال الصادرة بقرار مجلس إدارة الهيئة بتاريخ 15/5/1994 ، فيما تضمنه من وضع حد أقصى للمقابل النقدى لرصيد الإجازات الاعتيادية لا يجاوز أجر أربعة أشهر متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعاً إلى أسباب تقتضيها مصلحة العمل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))